الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ مِمَّا سِوَى الْيَهُودِ, وَالنَّصَارَى, أَوْ الْمَجُوسِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, أَوْ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ, كَانَ بِذَلِكَ مُسْلِمًا تَلْزَمُهُ شَرَائِعُ الإِسْلاَمِ, فَإِنْ أَبَى الإِسْلاَمَ قُتِلَ. وَأَمَّا مِنْ الْيَهُودِ, وَالنَّصَارَى, وَالْمَجُوسِ, فَلاَ يَكُونُ مُسْلِمًا بِقَوْلِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ, إِلاَّ حَتَّى يَقُولَ: وَأَنَا مُسْلِمٌ, أَوْ قَدْ أَسْلَمْتُ, أَوْ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ حَاشَا الإِسْلاَمَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيق مُسْلِمٍ نَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى نَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عَمُّ قُلْ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ نَا هُشَيْمٌ نَا حُصَيْنٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا أَبُو ظَبْيَانَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرُقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَهَزَمْنَاهُمْ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ, وَطَعَنْتُهُ فَقَتَلْتُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا فَقَالَ: أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. قال أبو محمد: فَهَذَا فِي آخِرِ الإِسْلاَمِ, وَحَدِيثُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعْظَمِ الإِسْلاَمِ بَعْدَ أَعْوَامٍ مِنْهُ, وَقَدْ كَفَّ الأَنْصَارِيُّ كَمَا تَرَى عَنْ قَتْلِهِ إذْ قَالَ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يَلْزَمْ أُسَامَةَ قَوَدٌ لأََنَّهُ قَتَلَهُ وَهُوَ يَظُنُّهُ كَافِرًا فَلَيْسَ قَاتِلَ عَمْدٍ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ الْحُلْوَانِيُّ نَا أَبُو تَوْبَةَ هُوَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ نَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلاَمٍ عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي أَخَاهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلاَمٍ قَالَ: نَا أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ; فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا, فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي قُلْتُ: أَلاَ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي ثُمَّ ذَكَر الْحَدِيثَ, وَفِي آخِرِهِ إنَّ الْيَهُودِيَّ قَالَ لَهُ: لَقَدْ صَدَقْت وَإِنَّك لَنَبِيٌّ, ثُمَّ انْصَرَفَ. فَفِي هَذَا الْخَبَرِ ضَرَبَ ثَوْبَانُ رضي الله عنه الْيَهُودِيَّ إذْ لَمْ يَقُلْ: رَسُولَ اللَّهِ, وَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَحَّ أَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ, إذْ لَوْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لاََنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ الْيَهُودِيَّ قَالَ لَهُ: إنَّك لَنَبِيٌّ, وَلَمْ يُلْزِمْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ تَرْكَ دِينِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ نَا أَبُو رَوْحٍ حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ نَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدٍ، هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ " سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ, وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ, فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وَلاَ يُقْبَلُ مِنْ يَهُودِيٍّ, وَلاَ نَصْرَانِيٍّ, وَلاَ مَجُوسِيٍّ: جِزْيَةٌ, إِلاَّ بِأَنْ يُقِرُّوا بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَيْنَا, وَأَنْ لاَ يَطْعَنُوا فِيهِ, وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْ دِينِ الإِسْلاَمِ; لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَمَنْ قَالَ: إنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الإِسْلاَمِ بَاطِنًا غَيْرَ الظَّاهِرِ الَّذِي يَعْرِفهُ الأَسْوَدُ وَالأَحْمَرُ, فَهُوَ كَافِرٌ يُقْتَلُ، وَلاَ بُدَّ, لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} وَقَالَ تَعَالَى: وَكُلُّ عَبْدٍ, أَوْ أَمَةٍ كَانَا لِكَافِرَيْنِ, أَوْ أَحَدِهِمَا أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ, أَوْ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ: فَهُمَا حُرَّانِ, فَلَوْ كَانَا كَذَلِكَ لِذِمِّيٍّ فَأَسْلَمَا: فَهُمَا حُرَّانِ سَاعَةَ إسْلاَمِهِمَا, وَكَذَلِكَ مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ, أَوْ الْحَرْبِيِّ, أَوْ مُكَاتَبُهُمَا, أَوْ أُمُّ وَلَدِهِمَا, أَيُّهُمْ أَسْلَمَ فَهُوَ حُرٌّ سَاعَةَ إسْلاَمِهِ وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ, أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا, وَلاَ يَرْجِعُ الَّذِي أَسْلَمَ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ أَعْطَى مِنْهَا قَبْلَ إسْلاَمِهِ, وَيَرْجِعُ بِمَا أَعْطَى مِنْهَا بَعْدَ إسْلاَمِهِ فَيَأْخُذُهُ لِقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ قَالَ: لَيْسَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ صَدَقَ وَهُوَ قَوْلُنَا وَإِذْ لَمْ يَكُونَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ فَهُمَا حُرَّانِ, وَإِنْ قَالَ: هُمَا مَمْلُوكَانِ لَهُ. قلنا: فَلِمَ تُبْطِلُ مِلْكَهُ الَّذِي أَنْتَ تُصَحِّحُهُ بِلاَ نَصٍّ، وَلاَ إجْمَاعٍ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ إقْرَارِك لَهُمَا فِي مِلْكِهِ سَاعَةً, أَوْ سَاعَتَيْنِ, أَوْ يَوْمًا, أَوْ يَوْمَيْنِ, أَوْ جُمُعَةً, أَوْ جُمُعَتَيْنِ, أَوْ شَهْرًا, أَوْ شَهْرَيْنِ, أَوْ عَامًا, أَوْ عَامَيْنِ, أَوْ بَاقِيَ عُمُرِهَا, أَوْ عُمُرِهِ, وَكَيْفَ صَحَّ إقْرَارُك لَهُمَا فِي مِلْكِهِ مُدَّةَ تَعْرِيضِهِمَا لِلْبَيْعِ وَلَمْ يَصِحَّ, وَلَمْ يَصِحَّ إبْقَاؤُهُمَا فِي مِلْكِهِ أَكْثَرَ, وَلَعَلَّهُمَا لاَ يَسْتَبِيعَانِ فِي شَهْرٍ; أَوْ أَكْثَرَ, وَهَلَّا أَقْرَرْتُمُوهُمَا فِي مِلْكِهِ وَحُلْتُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا كَمَا فَعَلْتُمْ فِي الْمُدَبَّرِ, وَأُمِّ الْوَلَدِ, وَالْمُكَاتَبِ إذَا أَسْلَمُوا وَلَئِنْ كَانَ يَجُوزُ إبْقَاؤُهُمْ فِي مِلْكِهِ إنَّ ذَلِكَ لَجَائِزٌ فِي الْعَبْدِ, وَلَئِنْ حَرُمَ إبْقَاءُ الْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ لَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ, وَالْمُدَبَّرِ, وَالْمُكَاتَبِ، وَلاَ فَرْقَ وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ, وَقَوْلٌ فَاسِدٌ لاَ مِرْيَةَ فِيهِ, وَنَسْأَلُهُمْ أَيْضًا عَنْ كَافِرٍ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا, أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً, فَمِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُمْ يَفْسَخُونَ ذَلِكَ الشِّرَاءَ. فَنَقُولُ لَهُمْ: وَلِمَ فَسَخْتُمُوهُ وَهَلَّا بِعْتُمُوهُمَا عَلَيْهِ كَمَا تَفْعَلُونَ إذَا أَسْلَمَ فِي مِلْكِهِ وَمَا الْفَرْقُ فَإِنْ قَالُوا: لأََنَّ هَذَا ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ. قلنا: نَعَمْ, فَكَانَ مَاذَا، وَلاَ يَخْلُو ابْتِيَاعُهُ لَهُمَا مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ تَمَلُّكٍ لِمَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ, وَلاَ سَبِيلَ إلَى ثَالِثٍ. فَإِنْ قَالُوا: بَلْ لِمَا لاَ يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ. قلنا: صَدَقْتُمْ, فَكَيْفَ أَحْلَلْتُمْ تَمَلُّكَهُ لَهُمَا مُدَّةَ تَعْرِيضِكُمْ إيَّاهُمَا لِلْبَيْعِ إذَا أَسْلَمَا فِي مِلْكِهِ وَإِنْ قَالُوا: بَلْ لِمَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ. قلنا: فَلِمَ فَسَخْتُمْ ابْتِيَاعَهُ لِمَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُهُ بَلْ لِمَ تَبِيعُونَ عَلَيْهِ مَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُهُ فَإِنْ قَالُوا: إنَّهُمَا كَانَا فِي مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَا فَلِمَ يَبْطُلُ مِلْكُهُ بِإِسْلاَمِهِمَا. قلنا: نَعَمْ, فَلِمَ بِعْتُمُوهُمَا عَلَيْهِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ فَاحِشٌ لاَ إشْكَالَ فِيهِ, وَقَوْلٌ بَاطِلٌ بِلاَ بُرْهَانٍ, وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى, وَعَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ فِي تَزَوُّجِهِ عليه السلام صَفِيَّةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَجَعْلِ عِتْقِهَا صَدَاقَهَا: لاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا, أَوْ بَعْدَ عِتْقِهَا, فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَزَوَاجٌ الرَّجُلِ أَمَتَهُ لاَ يَحِلُّ, وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ عِتْقِهَا, فَقَدْ مَضَى عِتْقُهَا فَأَيْنَ الصَّدَاقُ وَقَالُوا مِثْلَ هَذَا فِي الْعِتْقِ بِالْقُرْعَةِ, وَفِي وُجُودِ الْمَرْءِ سِلْعَتَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ; وَكُلُّ هَذَا لاَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا أَدْخَلُوهُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الأَعْتِرَاضَاتِ الْفَاسِدَةِ, ثُمَّ لاَ يُنْكِرُونَ هَذَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَهُوَ مَوْضِعُ الْإِنْكَارِ حَقًّا, لأََنَّهُمْ إنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ وَيَقْضُونَ بِرَأْيِهِمْ الْفَاسِدِ, وَهُوَ عليه السلام إنَّمَا يَتَكَلَّمُ وَيَقْضِي عَنْ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. فَإِنْ قَالُوا: نَبِيعُهُ عَلَى الْكَافِرِ كَمَا تَبِيعُونَ أَنْتُمْ عَبْدَ الْمُسْلِمِ وَأَمَتَهُ إذْ شَكَوْا الضَّرَرَ, وَفِي التَّفْلِيسِ. قلنا لَهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: لاَ نَبِيعُ عَبْدًا لِمُسْلِمٍ، وَلاَ أَمَتَهُ أَصْلاً إِلاَّ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ لاَزِمٍ لاَ يُمْكِنُنَا التَّوَصُّلُ إلَيْهِ أَلْبَتَّةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إِلاَّ بِبَيْعِهِمَا وَإِلَّا فَلاَ, أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّنَا لاَ نَبِيعُهُمَا عَلَيْهِ إِلاَّ فِي دَيْنٍ لَزِمَهُ, أَوْ فِي نَفَقَةٍ لَزِمَتْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَمْلُوكَةِ, أَوْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ, أَوْ لِضَرَرٍ ثَابِتٍ; فأما الْحَقُّ الْوَاجِبُ فَمَا دُمْنَا نَجِدُ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَمْ نَبِعْهُمَا عَلَيْهِ, فَإِنْ لَمْ نَجِدْ لَهُ غَيْرَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَى أَدَاءِ ذَلِكَ الْحَقِّ إِلاَّ بِبَيْعِهِمَا فَهُمَا مَالٌ مِنْ مَالِهِ يُبَاعُ عِنْدَ ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَمَّا الضَّرَرُ الثَّابِتُ فَإِنْ أَمْكَنَنَا مَنْعُ الضَّرَرِ بِأَنْ نَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَمَةِ, وَالْعَبْدِ, بِأَنْ يُؤَاجَرَا, أَوْ يُجْعَلاَ عِنْدَ ثِقَةٍ يَمْنَعُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمَا لَمْ نَبِعْهُمَا, فَإِذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ بِعْنَاهُمَا, لأََنَّنَا لاَ نَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَالْإِثْمِ إِلاَّ بِذَلِكَ, وَقَالَ تَعَالَى: فَإِنْ قَالُوا: كَذَلِكَ تَحَكُّمُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ عَبِيدِهِمْ ضَرَرٌ. قلنا: فَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ لاَ ضَرَرَ عَلَى الأَمَةِ وَالْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِمَا الْكَافِرِ, أَوْ سَيِّدَتِهِمَا الْكَافِرَةِ; بَلْ هُمَا مُعْتَرِفَانِ بِالْإِحْسَانِ وَالرِّفْقِ جُمْلَةً, أَلَيْسَ قَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُكُمْ بِالضَّرَرِ هَذَا مَا لاَ شَكَّ فِيهِ. فَإِنْ قَالُوا: نَخَافُ أَنْ يُفْسِدَا دِينَهُمَا بِطُولِ الصُّحْبَةِ. قلنا: فَفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ابْنَيْهِمَا إذَا أَسْلَمَ خَوْفَ أَنْ يَفْسُدَ دِينُهُ, وَبِيعُوا عَبْدَ الْمُسْلِمِ الْفَاسِقِ وَأَمَتَهُ بِهَذَا الأَعْتِلاَلِ, لأََنَّهُ مَظْنُونٌ مِنْهُ تَدْرِيبُهُمَا عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ, وَإِضَاعَةِ الصَّلاَةِ وَالظُّلْمِ, وَلاَ فَرْقَ, وَهَذَا مَا لاَ مُخَلِّصَ مِنْهُ أَصْلاً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقَوْله تَعَالَى: فإن قيل: قوله تعالى فِي هَذِهِ الآيَةِ: قلنا: الآيَةُ كُلُّهَا عَامَّةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنَةٍ هَاجَرَتْ بِالْإِيمَانِ لِتَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ, وَهَذَا الْحُكْمُ فِي إيتَاءِ مَا أَنْفَقُوا خَاصٌّ فِي الزَّوْجَاتِ, وَلاَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ عُمُومِ الآيَةِ خُصُوصًا, إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ لُغَةٌ، وَلاَ شَرِيعَةٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ خَرَجَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمًا فَعَتَقَ. فَإِنْ قَالُوا: هَذَا حُكْمُ مَنْ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الإِسْلاَمِ. قلنا: مَا الْفَرْقُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: بَلْ هَذَا حُكْمُ مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّائِفِ خَاصَّةً وَهَلْ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ فَرْقٌ ثم نقول لَهُمْ: وَمَا دَلِيلُكُمْ عَلَى هَذَا وَإِنَّمَا جَاءَ مُسْلِمًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ فَأَعْتَقَهُ, وَلَمْ يَقُلْ عليه السلام: إنِّي إنَّمَا أَعْتَقْته, لأََنَّهُ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ, فَمَنْ نَسَبَ هَذَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ, وَقَالَ عَلَيْهِ بِلاَ بُرْهَانٍ, وَأَنْتُمْ تَقِيسُونَ الْجِصَّ عَلَى التَّمْرِ, السَّقَمُونْيَا عَلَى الْبُرِّ, وَالْكَمُّونَ عَلَيْهِمَا بِلاَ بُرْهَانٍ, وَفَرْجَ الْمُسْلِمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ عَلَى يَدِ السَّارِقِ, ثُمَّ تُفَرِّقُونَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَعَبْدٍ مُسْلِمٍ كِلاَهُمَا أَسْلَمَ فِي مِلْكِ كَافِرٍ, إنَّ هَذَا لَعِوَجٌ مَا شِئْتُمْ. فَإِنْ ذَكَرُوا أَمْرَ بِلاَلٍ, وَسَلْمَانَ, رضي الله عنهما أَنَّ كِلَيْهِمَا أَسْلَمَ وَهُمَا مَمْلُوكَانِ لِوَثَنِيٍّ وَيَهُودِيٍّ; فَابْتَاعَ بِلاَلاً أَبُو بَكْرٍ, وَكَاتَبَ سَلْمَانَ سَيِّدُهُ, فَلَوْ كَانَا حُرَّيْنِ بِنَفْسِ إسْلاَمِهِمَا لَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَالِكَ وَلاَءِ بِلاَلٍ, وَلاَ صَحِيحَ الْعِتْقِ فِيهِ قلنا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا أَمْرُ بِلاَلٍ فَكَانَ فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ, وَقَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا بِبِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً, لأََنَّ الآيَةَ مَدَنِيَّةٌ فِي " سُورَةِ النِّسَاءِ " وَلَمْ تَكُنْ الصَّلاَةُ يَوْمَئِذٍ لاَزِمَةً, وَلاَ الزَّكَاةُ, وَلاَ الصِّيَامُ, وَلاَ الْحَجُّ, وَلاَ الْمَوَارِيثُ, وَلاَ كَانَ حَرَامًا نِكَاحُ الْوَثَنِيِّ الْمُسْلِمَةَ, وَلاَ نِكَاحُ الْمُسْلِمِ الْوَثَنِيَّةَ, وَلاَ مِلْكُ الْوَثَنِيِّ لِلْمُسْلِمِ, فَلاَ حُجَّةَ فِي أَمْرِ بِلاَلٍ. وَأَمَّا أَمْرُ سَلْمَانَ فَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ مَمْلُوكًا لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ, وَهُمْ مُمْتَنِعُونَ لاَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ هُمْ فِي حُصُونِهِمْ مَالِكُونَ لأََنْفُسِهِمْ, وَكَانَ إسْلاَمُ سَلْمَانَ رضي الله عنه بِلاَ خِلاَفٍ قَبْلَ الْخَنْدَقِ, وَهُوَ أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ, وَهَلاَكُ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَتْلُهُمْ, وَحِصَارُهُمْ, بَعْدَ الْخَنْدَقِ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ. وَمِنْ الْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ عَلَى أَنَّ مِلْكَ سَيِّدِهِ لَهُ بَطَلَ عَنْهُ بِإِسْلاَمِهِ أَنَّهُ كَانَ مُكَاتَبًا لَهُ بِلاَ شَكٍّ وَمَا انْتَمَى قَطُّ إلَى وَلاَءِ ذَلِكَ لْقُرَظِيِّ بَلْ انْتَمَى مَوْلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ, وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤَالَفِ, وَالْمُخَالِفِ, وَالصَّالِحِ وَالطَّالِحِ; فَلَوْ كَانَ مِلْكُهُ لَهُ صَحِيحًا وَكِتَابَتُهُ لَهُ صَحِيحَةً بِحَقِّ الْمِلْكِ لَكَانَ وَلاَؤُهُ لَهُ, وَلَوْ كَانَ وَلاَؤُهُ لَهُ لَمَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْتَفِي عَنْ وَلاَئِهِ وَفِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ وَكِفَايَةٌ, وَكَيْف وَلَوْ لَمْ يَقُمْ هَذَا الْبُرْهَانُ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لأََنَّهُمْ لاَ دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَبِهَذَا الْقَوْلِ يَقُولُ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ شَعْبَانَ عَنْهُمْ أَنَّ عَبْدَ الذِّمِّيِّ سَاعَةَ يُسْلِمْ فَهُوَ حُرٌّ. وَقَالَ أَشْهَبُ: سَاعَةَ يُسْلِمُ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ فَهُوَ حُرٌّ, خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ. وقال مالك: إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ فَهِيَ حُرَّةٌ. وقال أبو حنيفة وَأَصْحَابُهُ: إنْ أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ, فَإِنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ مُسْلِمٍ, أَوْ كَافِرٍ, أَوْ لِمُسْلِمٍ, أَوْ كَافِرٍ فَهُوَ حُرٌّ سَاعَةَ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ, وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ. قَالَ: فَإِنْ اشْتَرَى الْحَرْبِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا فَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ, فَإِذَا حَمَلَهُ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَسَاعَةَ دُخُولِهِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَهُوَ حُرٌّ فَهَلْ سُمِعَ بِأَوْحَشَ أَوْ أَفْحَشَ مِنْ هَذَا التَّخْلِيطِ وَهِيَ أَقْوَالٌ لاَ يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا قَالَهَا قَبْلَهُ. وَأَمَّا مَالِكٌ: فَإِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ بِإِسْلاَمِهَا, وَهِيَ أَمَةٌ لَهُ فَقَدْ نَاقَضَ, إذْ لَمْ يُعْتِقْ الْعَبْدَ وَالأَمَةَ بِإِسْلاَمِهِمَا, وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: لاَ يَسْتَرِقُّ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَهَذَا نَفْسُ قَوْلِنَا; لأََنَّهُ أَبْطَلَ اسْتِرْقَاقَهُ إيَّاهُ جُمْلَةً. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَسُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ أَسْلَمَتْ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: يُفَرِّقُ الإِسْلاَمُ بَيْنَهُمَا وَتَعْتِقُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لاَ تَعْتِقُ حَتَّى يُدْعَى هُوَ إلَى الإِسْلاَمِ, فَإِنْ أَبَى عَتَقَتْ. قال أبو محمد: كِلاَهُمَا قَدْ أَوْجَبَ عِتْقَهَا, وَلاَ مَعْنَى لِتَأَنِّي عَرْضِ الإِسْلاَمِ عَلَيْهِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لاَ يَسْتَرِقَّ كَافِرٌ مُسْلِمًا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ رَقِيقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُبَاعُوا، وَلاَ يُتْرَكُونَ يَسْتَرِقُّونَهُمْ, وَيُدْفَعُ أَثْمَانُهُمْ إلَيْهِمْ, فَمَنْ قَدَرْت عَلَيْهِ بَعْدَ تَقَدُّمِك إلَيْهِ اسْتَرَقَّ شَيْئًا مِنْ سَبْيِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ قَدْ أَسْلَمَ وَصَلَّى فَأَعْتِقْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ أَرْضِنَا أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَ مُسْلِمًا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَعْطُوهُ قِيمَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ, وَوَلاَؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ. قال أبو محمد: قَدْ رَأَى عِتْقَهُ لَهُ غَيْرَ نَافِذٍ وَرَأَى وَلاَءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ نَصُّ قَوْلِنَا, وَأَمَّا إعْطَاؤُهُ قِيمَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلاَ نَقُولُ بِهَذَا: فَإِنَّهُ لاَ حَقِّ لِلْكُفَّارِ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَمَنْ سُبِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ الرِّجَالِ وَلَهُ زَوْجَةٌ, أَوْ مِنْ النِّسَاءِ وَلَهَا زَوْجٌ فَسَوَاءٌ سُبِيَ مَعَهَا, أَوْ لَمْ يُسْبَ مَعَهَا, وَلاَ سُبِيَتْ مَعَهُ فَهُمَا عَلَى زَوْجِيَّتِهِمَا فَإِنْ أَسْلَمَتْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا حِينَ تُسْلِمْ لِمَا قَدَّمْنَا وَأَمَّا بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ فَلأََنَّ نِكَاحَ أَهْلِ الشِّرْكَ صَحِيحٌ قَدْ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ, وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِأَنَّ سِبَاءَهُمَا, أَوْ سَبَاءَ أَحَدِهِمَا يَفْسَخُ نِكَاحَهُمَا. فإن قيل: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ قَالَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً ذَاتَ زَوْجٍ فَبَيْعُهَا طَلاَقُهَا، وَلاَ نَقُولُ بِهَذَا, لِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ . وَأَيُّ الأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَسْلَمَ فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ أَوْلاَدِهِمَا مُسْلِمٌ بِإِسْلاَمِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا الْأُمُّ أَسْلَمَتْ أَوْ الأَبُ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ, وَالأَوْزَاعِيِّ, وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ, وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ, وَأَبِي حَنِيفَةَ, وَالشَّافِعِيِّ, وَأَصْحَابِهِمْ كُلِّهِمْ. وقال مالك, وَأَبُو سُلَيْمَانَ: لاَ يَكُونُونَ مُسْلِمِينَ إِلاَّ بِإِسْلاَمِ الأَبِ, لاَ بِإِسْلاَمِ الْأُمِّ. وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ: لاَ يَكُونُونَ مُسْلِمِينَ إِلاَّ بِإِسْلاَمِ الْأُمِّ, وَأَمَّا بِإِسْلاَمِ الأَبِ فَلاَ; لأََنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأُمِّ فِي الْحُرِّيَّةِ, وَالرِّقِّ لاَ لِلأَبِ. قال أبو محمد: مَا نَعْلَمُ لِمَنْ جَعَلَهُمْ بِإِسْلاَمِ الأَبِ خَاصَّةً مُسْلِمِينَ حُجَّةً أَصْلاً, وَنَسْأَلُهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ فِي ابْنِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ زِنَا اسْتِكْرَاهٍ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلاَمِهَا وَهَذَا تَرْكٌ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِمْ, وَوَافَقُونَا أَنَّهُ إنْ أَسْلَمَ الأَبَوَانِ, أَوْ أَحَدُهُمَا, وَلَهُمَا بَنُونَ وَبَنَاتٌ قَدْ بَلَغُوا مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَإِنَّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ لاَ يُجْبَرُونَ عَلَى الإِسْلاَمِ وَبِهِ نَقُولُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: قال أبو محمد: وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ; لأََنَّهُ لَيْسَ بَالِغًا, وَمَا لَمْ يَكُنْ بَالِغًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَبْلُغُ لاَ مَنْ بَلَغَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ قَاسَ الدِّينَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَبْدِيلُ دِينِ الإِسْلاَمِ لأََحَدٍ، وَلاَ يُتْرَكُ أَحَدٌ يُبَدِّلُهُ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَرْكِهِ عَلَى تَبْدِيلِهِ فَقَطْ, وَقَالَ تَعَالَى: وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ حَتَّى يُبِينَ عَنْهُ لِسَانُهُ فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ أَحَدٌ إِلاَّ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْ نَفْسِهِ; فَمَنْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي إقْرَارِهِ عَلَى مُفَارَقَةِ الإِسْلاَمِ الَّذِي وُلِدَ عَلَيْهِ أَقْرَرْنَاهُ, وَمَنْ لاَ لَمْ نُقِرَّهُ عَلَى غَيْرِ الإِسْلاَمِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ. قال أبو محمد: فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ يُتْرَكُ أَحَدٌ عَلَى مُخَالَفَةِ الإِسْلاَمِ إِلاَّ مَنْ اتَّفَقَ أَبَوَاهُ عَلَى تَهْوِيدِهِ, أَوْ تَنْصِيرِهِ, أَوْ تَمْجِيسِهِ فَقَطْ, فَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُمَجِّسْهُ أَبَوَاهُ, وَلاَ نَصَّرَاهُ, وَلاَ هَوَّدَاهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مَا وُلِدَ عَلَيْهِ مِنْ الإِسْلاَمِ، وَلاَ بُدَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. وَقَدْ وَهَلَ قَوْمٌ فِي هَذِهِ الآيَةِ وَهَذِهِ الأَخْبَارِ وَهِيَ بَيِّنَةٌ وَهِيَ الْعَهْدُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الأَنْفُسِ حِينَ خَلَقَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَمَرَّةً قَالَ كَقَوْلِنَا: إنَّهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلاَمِ أَيِّ أَبَوَيْهِ أَسْلَمَ. وَمَرَّةً قَالَ: هُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلاَمِ أُمِّهِمْ لاَ بِإِسْلاَمِ أَبِيهِمْ. وَمَرَّةً قَالَ: أَيُّهُمَا أَسْلَمَ وَرِثَا جَمِيعًا مَنْ مَاتَ مِنْ صِغَارِ وَلَدِهِمَا وَوَرِثَهُمَا صِغَارُ وَلَدِهِمَا. رُوِّينَا هَذِهِ الأَقْوَالَ كُلَّهَا عَنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ رُوِّينَا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُمَا قَالاَ جَمِيعًا فِي الصَّغِيرِ يَكُونُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا فَيَمُوتُ: إنَّهُ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرٍو وَالْمُغِيرَةِ قَالَ عَمْرٌو: عَنْ الْحَسَنِ, وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالاَ جَمِيعًا فِي نَصْرَانِيَّيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ صِغَارٌ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا: إنَّ أَوْلاَهُمَا بِهِمْ الْمُسْلِمُ يَرِثُهُمْ وَيَرِثُونَهُ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إنْ أَسْلَمَ جَدُّ الصَّغِيرِ, أَوْ عَمُّهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ بِإِسْلاَمِ أَيِّهِمَا أَسْلَمَ, وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: الأَمْرُ فِيمَا مَضَى فِي أَوَّلِينَا الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ، وَلاَ يُشَكُّ فِيهِ وَنَحْنُ عَلَيْهِ الآنَ أَنَّ النَّصْرَانِيِّينَ بَيْنَهَا وَلَدٌ صِغَارٌ فَأَسْلَمَتْ الْأُمُّ وَرِثَتْهُ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا بَقِيَ فَلِلْمُسْلِمِينَ, فَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّيْنِ وَهُوَ صَغِيرٌ وَلَهُ أَخٌ مِنْ أُمٍّ مُسْلِمٍ, أَوْ أُخْتٌ مُسْلِمَةٌ وَرِثَهُ أَخُوهُ, أَوْ أُخْتُهُ كِتَابَ اللَّهِ, ثُمَّ كَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ. رُوِّينَا هَذَا عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ هَذَا لِعَطَاءٍ, وَسُلَيْمَانُ فَقِيهُ أَهْلِ الشَّامِ أَدْرَكَ التَّابِعِينَ الأَكَابِرَ. وَلَسْنَا نَرَاهُ مُسْلِمًا بِإِسْلاَمِ جَدٍّ, وَلاَ عَمٍّ, وَلاَ أَخٍ, وَلاَ أُخْتٍ, إذَا اجْتَمَعَ أَبَوَاهُ عَلَى تَهْوِيدِهِ, أَوْ تَنْصِيرِهِ, أَوْ تَمْجِيسِهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وَوَلَدُ الْكَافِرَةِ الذِّمِّيَّةِ, أَوْ الْحَرْبِيَّةِ مِنْ زِنًا, أَوْ إكْرَاهٍ مُسْلِمٌ, وَلاَ بُدَّ; لأََنَّهُ وُلِدَ عَلَى مِلَّةِ الإِسْلاَمِ كَمَا ذَكَرنَا، وَلاَ أَبَوَيْنِ لَهُ يُخْرِجَانِهِ مِنْ الإِسْلاَمِ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقِ. وَمَنْ سُبِيَ مِنْ صِغَارِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَسَوَاءٌ سُبِيَ مَعَ أَبَوَيْهِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا, أَوْ دُونَهُمَا هُوَ مُسْلِمٌ, وَلاَ بُدَّ; لأََنَّ حُكْمَ أَبَوَيْهِ قَدْ زَالَ عَنْ النَّظَرِ لَهُ, وَصَارَ سَيِّدُهُ أَمْلَكَ بِهِ, فَبَطَلَ إخْرَاجُهُمَا لَهُ عَنْ الإِسْلاَمِ الَّذِي وُلِدَ عَلَيْهِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا خَلَّادٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ لاَ يَدْعُ يَهُودِيًّا, وَلاَ نَصْرَانِيًّا يُهَوِّدُ وَلَدَهُ, وَلاَ يُنَصِّرُهُ فِي مِلْكِ الْعَرَبِ وَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا, وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِي ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ, وَالأَوْزَاعِيِّ, وَالْمُزَنِيِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَنْ وَجَدَ كَنْزًا مِنْ دَفْنِ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ جَاهِلِيًّا كَانَ الدَّافِنُ, أَوْ غَيْرَ جَاهِلِيٍّ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَهُ حَلاَلٌ, وَيَقْسِمُ الْخُمُسَ حَيْثُ يُقْسَمُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ, وَلاَ يُعْطِي لِلسُّلْطَانِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَيْئًا إِلاَّ إنْ كَانَ إمَامَ عَدْلٍ فَيُعْطِيه الْخُمُسَ فَقَطْ, وَسَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي فَلاَةٍ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ, أَوْ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ, أَوْ أَرْضِ عَنْوَةٍ, أَوْ أَرْضِ صُلْحٍ; أَوْ فِي دَارِهِ, أَوْ فِي دَارِ مُسْلِمٍ, أَوْ فِي دَارِ ذِمِّيٍّ, أَوْ حَيْثُ مَا وَجَدَهُ حُكْمُهُ سَوَاءٌ كَمَا ذَكَرنَا, وَسَوَاءٌ وَجَدَهُ حُرٌّ, أَوْ عَبْدٌ, أَوْ امْرَأَةٌ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَمِنْ حَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ نَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رضي الله عنها، " أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهَا: أَصَبْت كَنْزًا فَرَفَعْته إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِفِيك الْكَثْكَثُ " الْكَثْكَثُ التُّرَابُ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ, وَلاَ يَكُونُ وُجُودُهُ فِي أَرْضٍ مُمْتَلَكَةٍ لِمُسْلِمٍ, أَوْ ذِمِّيٍّ مُوجِبًا لِمِلْكِ صَاحِبِ الأَرْضِ لَهُ لأََنَّهُ غَيْرُ الأَرْضِ, فَلاَ يَكُونُ مِلْكُ الأَرْضِ مِلْكًا لِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا مِنْ صَيْدٍ, أَوْ لُقَطَةٍ, أَوْ دَفِينَةٍ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وقال الشافعي كَقَوْلِنَا, إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ: إنْ ادَّعَى صَاحِبُ الأَرْضِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا أَنَّهُ قَدْ وَجَدَهُ ثُمَّ أَقَرَّهُ فَهُوَ لَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لأََنَّهَا دَعْوَى لاَ بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهَا فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ; لأََنَّهُ فِي يَدِهِ وَهُوَ غَانِمُهُ إِلاَّ أَنْ يُوجَدَ أَثَرُ اسْتِخْرَاجِهِ, ثُمَّ رَدِّهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَوْلُ صَاحِبِ الأَرْضِ حَقًّا, وَأَمَّا إذَا وُجِدَ كَمَا وُضِعَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَكَذِبُ مُدَّعِيه ظَاهِرٌ بِلاَ شَكٍّ. وقال مالك: لاَ يَكُونُ لِوَاجِدِهِ إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ فِي صَحَارَى أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ, فَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِبَقَايَا مُفْتَتِحِي تِلْكَ الْبِلاَدِ, وَفِيهِ الْخُمُسُ; فَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ صُلْحٍ فَهُوَ كُلُّهُ لأََهْلِ الصُّلْحِ, وَلاَ خُمُسَ فِيهِ. وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ أَسْقَطَ الْخُمُسَ عَمَّا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ صُلْحٍ, وَهَذَا خِلاَفُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ فَعَمَّ عليه السلام وَلَمْ يَخُصَّ أَرْضَ صُلْحٍ مِنْ غَيْرِهَا. وَثَانِيهَا: أَنَّهُمْ إنَّمَا صَالَحُوا عَلَى مَا يَمْلِكُونَهُ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ لاَ عَلَى مَا لاَ يَمْلِكُونَهُ، وَلاَ هُوَ بِأَيْدِيهِمْ، وَلاَ يَعْرِفُونَهُ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ لَوْ مَلَكُوا كُلَّ رِكَازٍ فِي الأَرْضِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا لَوَجَبَ أَنْ تَمْلِكَهُ أَيْضًا الْعَرَبُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى بِلاَدِهِمْ فَيَكُونُ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ رِكَازٍ لِلَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى تِلْكَ الأَرْضِ وَهَذَا خِلاَفُ قَوْلِهِمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِيمَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَنَّهُ لِوَرَثَةِ الْمُفْتَتِحِينَ. فَخَطَأٌ لأََنَّ الْمُفْتَتِحِينَ لِلأَرْضِ إنَّمَا يَمْلِكُونَ مَا غَنِمُوا, لاَ مَا لَمْ يَغْنَمُوا, وَالرِّكَازُ مِمَّا لَمْ يَغْنَمُوا, وَلاَ حَصَلُوا عَلَيْهِ, وَلاَ أَخَذُوهُ; فَلاَ حَقَّ لَهُمْ فِيهِ. وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّهُمْ لاَ يَجْعَلُونَ الأَرْضَ حَقًّا لِلْمُفْتَتِحَيْنِ أَرْضَ الْعَنْوَةِ وَهُمْ غَنِمُوهَا ثُمَّ يَجْعَلُونَ الرِّكَازَ الَّذِي فِيهَا حَقًّا لَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَغْنَمُوهُ. وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ: هُوَ لِوَاجِدِهِ وَعَلَيْهِ فِيهِ الْخُمُسُ, وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخُمُسَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ فِي دَارٍ اخْتَطَّهَا مُسْلِمٌ, أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ, فَإِنَّهُ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارٍ اخْتَطَّهَا مُسْلِمٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْخُطَّةِ وَفِيهِ الْخُمُسُ; وَإِنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ حَرْبِيٍّ وَقَدْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِلْحَرْبِيِّ, وَإِنْ وَجَدَهُ فِي صَحْرَاءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ كُلُّهُ لِوَاجِدِهِ، وَلاَ خُمُسَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَهَذَا تَقْسِيمٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ, وَخِلاَفٌ لأََمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ فَعَمَّ عليه السلام وَلَمْ يَخُصَّ ;، وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا التَّقْسِيمُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ, وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلٌ بِلاَ بُرْهَانٍ, وَفِيهِ عَنْ السَّلَفِ آثَارٌ. مِنْهَا: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَلِيًّا أَتَاهُ رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجَدَهَا فِي خَرِبَةٍ بِالسَّوَادِ, فَقَالَ عَلِيٌّ: إنْ كُنْت وَجَدَتْهَا فِي قَرْيَةٍ خَرِبَةٍ تَحْمِلُ خَرَاجَهَا قَرْيَةٌ عَامِرَةٌ فَهِيَ لَهُمْ, وَإِنْ كَانَتْ لاَ تَحْمِلُ خَرَاجَهَا فَلَكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَلَنَا خُمُسُهُ, وَسَأُطَيِّبُهُ لَك جَمِيعًا. وَهَذَا خِلاَفُ قَوْلِ الْحَنَفِيِّينَ, وَالْمَالِكِيِّينَ, لأََنَّ السَّوَادَ أُخِذَ عَنْوَةً لاَ صُلْحًا, وَكَانَ فِي أَيَّامِ عَلِيٍّ دَارَ إسْلاَمٍ, وَقَبْلَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ, وَشَيْءٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَا مُوسَى وَجَدَ دَانْيَالَ بِالسُّوسِ إذْ فَتَحَهَا وَمَعَهُ مَالٌ إلَى جَنْبِهِ, كَانُوا يَسْتَقْرِضُونَ مِنْهُ مَا احْتَاجُوا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى, فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الأَجَلُ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمُسْتَقْرِضُ بَرِصَ فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بِذَلِكَ. فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: كَفِّنْهُ, وَحَنِّطْهُ, وَصَلِّ عَلَيْهِ, وَادْفِنْهُ كَمَا دُفِنَتْ الأَنْبِيَاءُ وَاجْعَلْ الْمَالَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ, وَهَذَا صَحِيحٌ, لأََنَّهُ لَمْ يَكُنْ رِكَازًا, إنَّمَا كَانَ مَعْلُومًا ظَاهِرًا, وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ فَيُخَمَّسَ وَيُغْنَمَ; بَلْ كَانَ مَالَ نَبِيٍّ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مَصَالِحِهِمْ. وَمِنْهَا: خَبَرٌ عَنْ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ رِيَاحٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُمْ أَصَابُوا قَبْرًا بِالْمَدَائِنِ, وَفِيهِ مَيِّتٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ مَنْسُوجَةٌ بِالذَّهَبِ, وَمَعَهُ مَالٌ فَكَتَبَ فِيهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَعْطِهِمْ إيَّاهُ، وَلاَ تَنْزِعْهُ مِنْهُمْ وَهَذَا قَوْلُنَا لاَ قَوْلُهُمْ, إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ خُمُسٍ ;، وَلاَ بُدَّ مِنْ الْخُمُسِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ. وَخَبَرٌ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ أَلْفَ دِينَارٍ مَدْفُونَةً خَارِجَ الْمَدِينَةِ, فَأَتَى بِهَا عُمَرَ, فَأَخَذَ خُمُسَهَا مِائَتَيْ دِينَارٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْبَاقِيَ; ثُمَّ جَعَلَ عُمَرُ يَقْسِمُ الْمِائَتَيْنِ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَنْ فَضَلَ مِنْهَا فَضْلَةٌ فَدَفَعَهَا إلَى وَاجِدِهَا وَهَذَا قَوْلُنَا, إِلاَّ فِي صِفَةِ قِسْمَتِهِ الْخُمُسَ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدًا وَجَدَ رِكْزَةً عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَأَعْتَقَهُ مِنْهَا, وَأَعْطَاهُ مِنْهَا, وَجَعَلَ سَائِرَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا, وَسَوَاءٌ عِنْدَنَا وَجَدَ الرِّكَازَ حُرٌّ, أَوْ عَبْدٌ, الْحُكْمُ عِنْدَنَا ] وَاحِدٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا. وَرُوِّينَا خَبَرَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ الزَّمْعِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ قُرَيْبَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنَّ الْمِقْدَادَ خَرَجَ إلَى حَاجَتِهِ بِبَقِيعِ الْخَبْخَبَةِ فَإِذَا جُرَذٌ يُخْرِجُ مِنْ جُحْرٍ دِينَارًا بَعْدَ دِينَارٍ, ثُمَّ أَخْرَجَ خِرْقَةً حَمْرَاءَ فَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَأَخَذَهَا وَحَمَلَهَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَهْوَيْتَ الْجُحْرَ قَالَ: لاَ, قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا وَهَذَا خَبَرٌ لَيْسَ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرنَا وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ, الزَّمْعِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ قَرِيبَةَ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ; وَلَعَلَّ تِلْكَ الدَّنَانِيرَ مِنْ دَفْنِ مُسْلِمٍ مَجْهُولٍ مَيْئُوسٍ عَنْ مَعْرِفَتِهِ فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا عِنْدَنَا كُلَّهَا. وَخَبَرٌ آخَرُ: مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُرُوجِهِ إلَى الطَّائِفِ فَمَرُّوا بِقَبْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ, فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيهِ, وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ إنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ وَجَدْتُمُوهُ, فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوا الْغُصْنَ وَهَذَا لاَ يَصِحُّ, لأََنَّهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ; ثُمَّ لاَ حُجَّةَ فِيهِ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرنَا; وَإِنَّمَا فِيهِ نَبْشُ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَيُقْسَمُ خُمُسُ الرِّكَازِ وَخُمُسُ الْغَنِيمَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: فَسَهْمٌ يَضَعُهُ الْإِمَامُ حَيْثُ يَرَى مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ صَلاَحٌ وَبِرٌّ لِلْمُسْلِمِينَ. وَسَهْمٌ ثَانٍ لِبَنِي هَاشِمٍ, وَالْمُطَّلِبِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ, غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ, وَذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ, وَصَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ, وَصَالِحُهُمْ وَطَالِحُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلاَ حَظَّ فِيهِ لِمَوَالِيهِمْ, وَلاَ لِحُلَفَائِهِمْ, وَلاَ لِبَنِي بَنَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ ]، وَلاَ لأََحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى سِوَاهُمْ, وَلاَ لِكَافِرٍ مِنْهُمْ. وَسَهْمٌ ثَالِثٌ لِلْيَتَامَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ أَيْضًا. وَسَهْمٌ رَابِعٌ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَسَهْمٌ خَامِسٌ لأَبْنِ السَّبِيلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ فَسَّرْنَا الْمَسَاكِينَ, وَابْنَ السَّبِيلِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَةِ ذَلِكَ وَالْيَتَامَى هُمْ الَّذِينَ قَدْ مَاتَ آبَاؤُهُمْ فَقَطْ; فَإِذَا بَلَغُوا فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمْ اسْمُ الْيُتْمِ وَخَرَجُوا مِنْ السَّهْمِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ قوله تعالى: نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الطَّلْمَنْكِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَرَجٍ نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ الْعَبْقَسِيُّ الْمَكِّيُّ نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ النَّيْسَابُورِيُّ نَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ نَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ نَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرنَا, وَفِيهِ " قَالَ: فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ خُمُسَ الْخُمُسِ مِنْ الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ وَالنَّوَى. وَهَذَا أَيْضًا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالْبَيَانِ, وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ سَهْمَ اللَّهِ تَعَالَى, وَسَهْمَ رَسُولِهِ وَاحِدٌ, وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ. نَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ نَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ جَبْرُونَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ نَا أَبِي نَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ نَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْد بْنِ مَنْجُوفٍ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَلِيًّا إلَى خَالِدٍ لِيَقْسِمَ الْخُمُسَ فَاصْطَفَى عَلِيٌّ مِنْهَا سَبِيَّةً فَأَصْبَحَ يَقْطُرُ رَأْسَهُ, فَقَالَ خَالِدٌ لِبُرَيْدَةَ: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَ هَذَا الرَّجُلُ قَالَ بُرَيْدَةَ: وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا, فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَخْبَرْتُهُ, قَالَ: أَتُبْغِضُ عَلِيًّا قُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: فَأَحِبَّهُ, فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ, وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ امْرِئٍ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى مَحْدُودٌ مَعْرُوفُ الْقَدْرِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ( قَالَ ) أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يُكَلِّمَانِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَسَمَ مِنْ الْخُمُسِ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ, وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَسَمْتَ لأَِخْوَانِنَا بَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا, وَقَرَابَتُنَا وَقَرَابَتُهُمْ مِنْكَ وَاحِدَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ, قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ, وَلاَ لِبَنِي نَوْفَلٍ مِنْ ذَلِكَ الْخُمُسِ كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ, قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الْخُمُسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهِمْ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعْطِيهِمْ مِنْهُ, وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ ". فَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالْبَيَانِ, وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِمْ أَبُو بَكْرٍ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهِمْ, فَهُوَ مَا كَانَ عليه السلام يَعُودُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَهْمِهِ, وَكَانَتْ حَاجَةُ الْمُسْلِمِينَ أَيَّامَ أَبِي بَكْرٍ أَشَدَّ, وَأَمَّا أَنْ يَمْنَعَهُمْ الْحَقَّ الْمَفْرُوضَ الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ فَيُعِيذُ اللَّهُ تَعَالَى أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ نَا يَحْيَى أَبِي بُكَيْرٍ نَا أَبُو جَعْفَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ قَاضِي الرَّيِّ عَنْ مُطَرِّفٍ، هُوَ ابْنُ طَرِيفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: " سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: وَلَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُمُسَ الْخُمُسِ فَوَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ وَحَيَاةَ عُمَرَ, فَأَتَى بِمَالٍ فَدَعَانِي فَقَالَ: خُذْهُ فَقُلْتُ: لاَ أُرِيدُهُ, قَالَ: خُذْهُ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ, قُلْتُ: قَدْ اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ, فَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى نَجْدَةَ: وَكَتَبْت تَسْأَلُنِي عَنْ ذَوِي الْقُرْبَى مَنْ هُمْ; وَإِنَّا زَعَمْنَا أَنَّا هُمْ, فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا. فَهَذِهِ الأَخْبَارُ الصِّحَاحُ الْبَيِّنَةُ، وَلاَ يُعَارِضُهَا مَا لاَ يَصِحُّ, أَوْ مَا مَوَّهَ بِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ, وقولنا في هذا هُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ نَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ نَا الْحَكَمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خُمُسُ الْخُمُسِ سَهْمُ اللَّهِ تَعَالَى, وَسَهْمُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ, قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ لِلَّهِ تَعَالَى, وَخُمُسُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَاحِدٌ, وَيُقْسَمُ مَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ سَعِيدٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تُقْسَمُ الْغَنَائِمُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ, فَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا, ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ, فَخُمُسٌ مِنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلرَّسُولِ, وَخُمُسٌ لِقَرَابَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَخُمُسٌ لِلْيَتَامَى, وَخُمُسٌ لأَبْنِ السَّبِيلِ, وَخُمُسٌ لِلْمَسَاكِينِ. قال أبو محمد: وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ, وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ, وَالشَّافِعِيِّ, وَأَبِي ثَوْرٍ, وَإِسْحَاقَ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ, وَآخِرُ قَوْلَيْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ. إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لِلذَّكَرِ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَيْ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهَذَا خَطَأٌ; لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ أَصْلاً وَلَيْسَ مِيرَاثًا فَيُقْسَمُ كَذَلِكَ, وَإِنَّمَا هِيَ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى, فَهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ. وقال مالك: يُجْعَلُ الْخُمُسُ كُلُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ, وَيُعْطَى أَقْرِبَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا يَرَى الْإِمَامُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ مَحْدُودٌ. قَالَ أَصْبَغُ بْنُ فَرَجٍ: أَقْرِبَاؤُهُ عليه السلام هُمْ جَمِيعُ قُرَيْشٍ. وقال أبو حنيفة: يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَسْهُمٍ: الْفُقَرَاءِ, وَالْمَسَاكِينِ, وَابْنِ السَّبِيلِ. قَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ, لأََنَّهَا خِلاَفُ الْقُرْآنِ نَصًّا, وَخِلاَفُ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ, وَلاَ يُعْرَفُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ قَبْلَهُ, وَقَدْ تَقَصَّيْنَا كُلَّ مَا شَغَبُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْإِيصَالِ, وَجِمَاعُ كُلِّ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ تَأَمَّلَهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا احْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْرِيِّ, وَنُظَرَائِهِ, أَوْ مُرْسَلَةٍ, أَوْ صِحَاحٍ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ أَصْلاً, أَوْ قَوْلٍ عَنْ صَاحِبٍ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ، وَلاَ مَزِيدَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَتُقْسَمُ الأَرْبَعَةُ الأَخْمَاسُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ الْخُمُسِ عَلَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ, أَوْ الْغَنِيمَةَ, لِصَاحِبِ الْفَرَسِ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ: لَهُ سَهْمٌ, وَلِفَرَسِهِ سَهْمَانِ, وَلِلرَّاجِلِ, وَرَاكِبِ الْبَغْلِ, وَالْحِمَارِ, وَالْجَمَلِ: سَهْمٌ وَاحِدٌ فَقَطْ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ, وَالشَّافِعِيِّ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وقال أبو حنيفة: لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ: لَهُ سَهْمٌ, وَلِفَرَسِهِ سَهْمٌ, وَلِسَائِرِ مَنْ ذَكَرنَا سَهْمٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وقال أحمد: لِلْفَارِسِ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ, وَلِرَاكِبِ الْبَعِيرِ سَهْمَانِ, وَلِغَيْرِهِمَا سَهْمٌ. قال أبو محمد: أَمَّا قَوْلُ أَحْمَدَ فَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا لَهُ بِآثَارٍ ضَعِيفَةٍ. مِنْهَا: مِنْ طَرِيقِ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ بْن جَارِيَةَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيِّ وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ, وَالرَّاجِلِ سَهْمًا. مُجَمِّعٌ مَجْهُولٌ وَأَبُوهُ كَذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ, وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ. وَعَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ مَكْحُولٍ مِثْلُ ذَلِكَ. وَهَذِهِ فَضِيحَةٌ مَجْهُولٌ, وَمُرْسَلٌ. وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنْ قَالَ: لاَ أُفَضِّلُ بَهِيمَةً عَلَى إنْسَانٍ; فَيُقَالُ لَهُ: وَتُسَاوِي بَيْنَهُمَا إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ; فَإِذَا جَازَتْ الْمُسَاوَاةُ فَمَا مَنَعَ التَّفْضِيلَ ثُمَّ هُوَ يُسْهِمُ لِلْفَرَسِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتَلْ عَلَيْهِ, وَلاَ يُسْهِمُ لِلْمُسْلِمِ التَّاجِرِ, وَلاَ الأَجِيرِ إِلاَّ أَنْ يُقَاتِلاَ; فَقَدْ فَضَّلَ بَهِيمَةً عَلَى إنْسَانٍ, ثُمَّ هُوَ يَقُولُ فِي إنْسَانٍ قَتَلَ كَلْبًا لِمُسْلِمٍ, وَعَبْدًا مُسْلِمًا فَاضِلاً, وَخِنْزِيرًا لِذِمِّيٍّ: قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ, فَإِنَّهُ يُؤَدِّي فِي الْكَلْبِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ, وَفِي الْخِنْزِيرِ ذَلِكَ, وَلاَ يُعْطِي فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إِلاَّ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ غَيْرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ, فَاعْجَبُوا لِهَذَا الرَّأْيِ السَّاقِطِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّلاَمَةِ, فَقَدْ فَضَّلَ الْبَهِيمَةَ عَلَى الْإِنْسَانِ. قَالُوا: قَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى السَّهْمَيْنِ . فَقُلْنَا لَهُمْ: إنْ كُنْتُمْ لاَ تَقُولُونَ بِمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَلَّمْنَاكُمْ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ وَدَعَوَاكُمْ الْإِجْمَاعَ هَاهُنَا كَذِبٌ وَمَا نَدْرِي لَعَلَّ فِيمَنْ أَخْطَأَ كَخَطَئِكُمْ, ثُمَّ مَنْ يَقُولُ: لاَ يُفَضَّلُ فَارِسٌ عَلَى رَاجِلٍ, كَمَا لاَ يُفَضَّلُ رَاكِبُ الْبَغْلِ عَلَى الرَّاجِلِ, وَكَمَا لاَ يُفَضَّلُ الشُّجَاعُ الْبَطَلُ الْمُبْلِي, عَلَى الْجَبَانِ الضَّعِيفِ الْمَرِيضِ. ثُمَّ لَوْ طَرَدْتُمْ أَصْلَكُمْ هَذَا لَوَجَبَ أَنْ تُسْقِطُوا الزَّكَاةَ عَنْ كُلِّ مَا أَوْجَبْتُمُوهَا فِيهِ مِنْ الْعَسَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, وَلَبَطَلَ قَوْلُكُمْ فِي دِيَةِ الْكَافِرِ لأََنَّهُ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, وَهَذَا يَهْدِمُ عَلَيْكُمْ أَكْثَرَ مَذَاهِبِكُمْ. وَرَوَوْا: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ, مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ عَنْ الْحَكَمِ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ, وَهُمْ يَرَوْنَ حُكْمَ عُمَرَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ سُنَّةً, فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلُوهُ سُنَّةً أَيْضًا. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عُبَيْدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ, وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ نَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا يَوْمَ خَيْبَرَ. فَهَذَا هُوَ الَّذِي لاَ يَجُوزُ خِلاَفُهُ لِصِحَّتِهِ, وَلأََنَّهُ لَوْ صَحَّتْ تِلْكَ الأَخْبَارُ لَكَانَ هَذَا زَائِدًا عَلَيْهَا, وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ لاَ يَجُوزُ رَدُّهَا. وَهُوَ قَوْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ, وَالْحَسَنِ, وَابْنِ سِيرِينَ, ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ . وَبِهِ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ]. وَمَنْ حَضَرَ بِخَيْلٍ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ إِلاَّ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ فَقَطْ, وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ فَقَطْ. وَقَالَ آخَرُونَ: يُسْهَمُ لِكُلِّ فَرَسٍ مِنْهَا وَهَذَا لاَ يَقُومُ بِهِ بُرْهَانٌ. فإن قيل: قَدْ رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِلزُّبَيْرِ لِفَرَسَيْنِ قلنا: هَذَا مُرْسَلٌ لاَ يَصِحُّ, وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِيهِ هُوَ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ لِلزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٍ لِلزُّبَيْرِ, وَسَهْمِ الْقُرْبَى لِصَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, وَسَهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ. وَيُسْهَمُ لِلأَجِيرِ, وَلِلتَّاجِرِ, وَلِلْعَبْدِ, وَلِلْحُرِّ, وَالْمَرِيضِ, وَالصَّحِيحِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ كُلُّهُمْ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَإِنْ احْتَجُّوا بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِهِ إلَى نَجْدَةَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ, هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ إِلاَّ أَنْ يَحْذِيَا فَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وقد رُوِّينَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ, وَلاَ حُجَّةَ فِيمَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَقَوْلٍ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ, وَالصَّرْفِ, وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى, وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: نَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَاتِي فَكَلَّمُوا فِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ, فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ, فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ. فَهَذَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ; لأََنَّ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجُرُّ السَّيْفَ, وَهَذَا صِفَةُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ. وَهَكَذَا نَقُولُ: إنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ لاَ يُسْهَمُ لَهُ. فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ فَضَالَةِ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ وَفِينَا مَمْلُوكُونَ فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ, وَهَذَا مُنْقَطِعٌ; لأََنَّهُ إنْ كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ مُحَمَّدٌ فَلَمْ يُدْرِكْ فَضَالَةَ ;، وَلاَ وُلِدَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ; وَإِنْ كَانَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَالثَّوْرِيُّ لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ وُلِدَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسِنِينَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيّ أَخْبَرَنَا عِيسَى أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسِ اللِّهْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: كَانَ أَبِي يَقْسِمُ لِلْحُرِّ وَلِلْعَبْدِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي قُرَّةَ قَالَ: قَسَمَ لِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ كَمَا قَسَمَ لِسَيِّدِي. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ, وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ, قَالُوا: مَنْ شَهِدَ الْبَأْسَ مِنْ حُرٍّ, أَوْ عَبْدٍ, أَوْ أَجِيرٍ, فَلَهُ سَهْمٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الْغَنَائِمِ يَسْبِيهَا الْجَيْشُ قَالَ: إنْ أَعَانَهُمْ التَّاجِرُ, وَالْعَبْدُ: ضُرِبَ لَهُ بِسِهَامِهِمْ مَعَ الْجَيْشِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إذَا شَهِدَ التَّاجِرُ, وَالْعَبْدُ, قُسِمَ لَهُ, وَقُسِمَ لِلْعَبْدِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا غُنْدَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ, وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ. قال أبو محمد: وَهُمْ مُوَافِقُونَ لَنَا عَلَى أَنْ يُسْهَمَ لِلْفَرَسِ, وَهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ, فَهَلاَّ أَسْهَمُوا لِلْعَبْدِ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرُوا فِي الأَجِيرِ خَبَرَيْنِ فِيهِمَا أَنَّ أَجِيرًا اُسْتُؤْجِرَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ بِثَلاَثَةِ دَنَانِيرَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عليه السلام سَهْمًا غَيْرَهَا فَلاَ يَصِحَّانِ. لأََنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحِمْصِيِّ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَأَبُو سَلَمٍ مَجْهُولٌ, وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا. وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُنَيَّةَ وَعَاصِمَ بْنَ حَكِيمٍ, وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الدَّيْلَمِيِّ مَجْهُولاَنِ. وَقَالَ الْحَسَنُ, وَابْنُ سِيرِينَ وَالأَوْزَاعِيُّ, وَاللَّيْثُ: لاَ يُسْهَمُ لِلأَجِيرِ. وقال أبو حنيفة, وَمَالِكٌ: لاَ يُسْهَمُ لَهُمَا إِلاَّ أَنْ يُقَاتِلاَ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُسْهَمُ لِلتَّاجِرِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيِّ: يُسْهَمُ لِلأَجِيرِ. وَلاَ يُسْهَمُ لأَمْرَأَةٍ, وَلاَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ قَاتَلاَ, أَوْ لَمْ يُقَاتِلاَ وَيُنْفَلاَنِ دُونَ سَهْمِ رَاجِلٍ ;، وَلاَ يَحْضُرُ مَغَازِي الْمُسْلِمِينَ كَافِرٌ فَإِنْ حَضَرَ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ أَصْلاً, وَلاَ يُنْفَلُ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا ابْنُ قَعْنَبٍ نَا سُلَيْمَانُ، هُوَ ابْنُ بِلاَلٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَيُحْذَيْنَ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ. قال أبو محمد: لَوْ بَلَغَ بِالنَّفْلِ لَهَا سَهْمَ رَاجِلٍ لَكَانَ قَدْ أَسْهَمَ لَهُنَّ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ, وَأَبِي حَنِيفَةَ, وَالشَّافِعِيِّ, وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ, وَاللَّيْثِ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وقال مالك: لاَ يُرْضَخُ لَهُنَّ وَهَذَا خَطَأٌ, وَخِلاَفُ الأَثَرِ الْمَذْكُورِ. قال أبو محمد: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ نَا رُفَيْعُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ ] حَدَّثَنِي حَشْرَجُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ أَنَّهَا غَزَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِتِّ نِسْوَةٍ قَالَتْ: فَأَسْهَمَ لَنَا عليه السلام كَمَا أَسْهَمَ لِلرِّجَالِ. وَهَذَا إسْنَادٌ مُظْلِمٌ, رَافِعٌ, وَحَشْرَجٌ: مَجْهُولاَنِ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ وَلِلصِّبْيَانِ وَالْخَيْلِ وَهَذَا مُرْسَلٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعٌ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَجْهُولٍ قَالَ: أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْخَيْلِ وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَلٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو خَالِدِ الأَحْمَرُ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ الْخَوْلاَنِيِّ قَالَ: قَسَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَ النَّاسِ غَنَائِمَهُمْ فَأَعْطَى كُلَّ إنْسَانٍ دِينَارًا وَجَعَلَ سَهْمَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَوَاءً. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا شُعْبَةُ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَيْحَانَ قَالَ: شَهِدَ مَعَ أَبِي مُوسَى أَرْبَعُ نِسْوَةٍ مِنْهُنَّ أُمُّ مَجْزَأَةَ بْنِ ثَوْرٍ فَأَسْهَمَ لَهُنَّ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ, وَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ أَهْلَ الْقِيَاسِ أَنْ يَقُولُوا بِهَذَا لأََنَّهُ إذَا أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ وَهُوَ بَهِيمَةٌ فَالْمَرْأَةُ أَحَقُّ بِالسَّهْمِ إنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا. قال أبو محمد: فِعْلُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْقَاضِي عَلَى مَا سِوَاهُ, وَأَمَّا الصِّبْيَانُ فَغَيْرُ مُخَاطَبِينَ, وَأَمَّا النَّفَلُ لِلصِّبْيَانِ أَيْضًا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ فَلاَ بَأْسَ, لأََنَّهُ فِي جَمِيعِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ, وَأَمَّا الْكَافِرُ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْزُو بِالْيَهُودِ فَيُسْهِمُ لَهُمْ كَسِهَامِ الْمُسْلِمِينَ. وَرُوِّينَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ مِنْ طُرُقٍ كُلِّهَا صِحَاحٍ عَنْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا الْحَسَنُ بْنُ حَيِّ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ غَزَا بِقَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ فَرَضَخَ لَهُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلَتْ الشَّعْبِيَّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ يَغْزُونَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَدْرَكْت الأَئِمَّةَ الْفَقِيهَ مِنْهُمْ وَغَيْرَ الْفَقِيهِ يَغْزُونَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَيَقْسِمُونَ لَهُمْ, وَيَضَعُونَ عَنْهُمْ مِنْ جِزْيَتِهِمْ; فَذَلِكَ لَهُمْ نَفْلٌ حَسَنٌ وَالشَّعْبِيُّ وُلِدَ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ عَلِيٍّ وَأَدْرَكَ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ. وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: أَنَّهُ يَقْسِمُ لِلْمُشْرِكِ إذَا حَضَرَ كَسَهْمِ الْمُسْلِمِ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ سُئِلَ عَنْ أَهْلِ الْعَهْدِ يَغْزُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: لَهُمْ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ مَا جُعِلَ لَهُمْ فَهُوَ لَهُمْ. وقال أبو حنيفة, وَمَالِكٌ, وَالشَّافِعِيُّ, وَأَبُو سُلَيْمَانَ: لاَ يُسْهَمُ لَهُمْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَلاَ يُرْضَخُ لَهُمْ, وَلاَ يُسْتَعَانُ بِهِمْ. قال أبو محمد: حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلٌ, وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ, وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْحَنَفِيِّينَ, وَالْمَالِكِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِالْمُرْسَلِ أَنْ يَقُولُوا بِهَذَا, لأََنَّهُ مِنْ أَحْسَنِ الْمَرَاسِيلِ لاَ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّاسَ عَلَى هَذَا, وَلاَ نَعْلَمُ لِسَعْدٍ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكَانَ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ يَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ, لَكِنَّ الْحُجَّةَ فِي هَذَا هُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنَّا لاَ نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ نَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ، أَنَّهُ قَالَ: فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لأََحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا. فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ حَقَّ فِي الْغَنَائِمِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ اُضْطُرِرْنَا إلَى الْمُشْرِكِ فِي الدَّلاَلَةِ فِي الطَّرِيقِ اُسْتُؤْجِرَ لِذَلِكَ بِمَالٍ مُسَمًّى مِنْ غَيْرِ الْغَنِيمَةِ. لَ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى نَا هِشَامُ، هُوَ ابْنُ يُوسُفَ نَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، ] قَالَتْ وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِي الدِّيلِ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ هَادِيًا يَعْنِي بِالطَّرِيقِ ".
|